شخصية السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها)
هي فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) وأخت الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وقد ورد في بعض التواريخ أنّ الرضا لقّبها بالمعصومة. فكانت ولادتها في المدينة المنورة في الأول من ذي القعدة عام 173 هـ. وترعرت في بيت الإمام الكاظم (عليه السلام)، ونشأت تحت رعاية أخيها الإمام الرضا (عليه السلام)، وتوفيت في عام 201 هـ ودفنت في مدينة قم في إيران، ولها مرقد ضخم، يزوره الملايين سنوياً.
وهي العالمة غير المعلَّمة، وممّا يدل على مكانتها العلمية ما ورد في بعض الوثائق التاريخية من أنّ جماعة من الشيعة قصدوا المدينة يريدون الإجابة عن بعض الأسئلة التي كانت معهم، وكان الإمام موسى بن جعفر الكاظم مسافراً خارج المدينة، فتصدت السيدة فاطمة للإجابة و كتبت لهم جواب أسئلتهم. وفي طريق رجوعهم من المدينة صادفوا موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، فعرضوا عليه الإجابة وعندما اطلع على جوابها قال ثلاث مرات: «فداها أبوها».
فكانت السيدة المعصومة (سلام الله عليها) ذات شخصية عظيمة، وعالمة حيث إنّها تملك علماً غزيراً. وقد قال بحقّها قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي في مدینة قم: «ولا شك أنّ دور السيّدة المعصومة عليها السلام، وما أضفته من عظمة على هذه المدینة الدینية التاریخية العریقة، هو دورٌ لا كلام فيه. فهذه السيّدة الجليلة، وهذه الفتاة التي ترعرعت في حضن أهل بيت النبيّ، بحركتها بين الأتباع والأصحاب والمحبّين للأئمة عليهم السلام، ومسيرها بين المدُن المختلفة، ونشر بذور المعرفة والولایة بين الناس على امتداد هذا المسير، وبعد وصولها إلى هذه المنطقة ونزولها في قم، تمكّنت من جعل هذه المدینة تسطع كمركزٍ أساس لمعارف أهل البيت عليهم السلام في ذلك العصر المظلم والحالك لحكومة المتجبّرین، وتتحوّل إلى قاعدة تشعّ منها أنوار العلم وأنوار معارف أهل البيت على أطراف العالم الإسلامي بشرقه وغربه». 21/10/2010 م، أثناء لقائه جمعاً من أساتذة و طلاب الحوزة.
وقد استقرّ بها المقام في مدينة قم، بعد رحلة شاقة ومتعبة وما لاقته في مدينة ساوة من اعتداء على موكبها القادم من المدينة المنورة، واتخذت مكاناً لعبادتها في (بيت النور) الواقع في ميدان مير، واتخذت حجرة من حجره لتتبتل وتنقطع إلى الله تعالى حتى وافتها المنية بعد سبعة عشر يوماً من وصولها إلى مدين قم.
وعندما سمع الإمام الرضا (عليه السلام) بوفاتها زارها من مرو بزيارتها المشهورة: (السلام على آدم صفوة الله….)، وجاء في حديث الإمام الجواد (عليه السلام) عن مكانتها قائلاً: (مَنْ زارَ قَبْرَ عَمَّتِی بِقُمَّ فَلَهُ الْجَنَّه)، (بحار الأنوار، ج 99 :ص 266 .)
وهي الشفيعة في يوم المحشر، فشفاعتها بعد شفاعة السيدة الکبری فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، حيث قال الامام الصَّادِقِ (عليه السلام) عن شفاعها: «تَدْخُلُ بِشَفاعَتِها شیعَتِیَ الْجَنَّهَ بِاَجْمَعِهِمْ» (بحار الأنوار، ج57: 228).
فهي (عليها السلام) من سلالة الشرف والعفة والنجابة والطهارة، حيث إنّها تنحدر مِن سلالة النبوة، وسلالة الإمامة، وجدتها فاطمة الزهراء (عليها السلام)، تلك الشجرة المباركة المثمرة بالعطاء والرحمة والهداية.
حتى أصبح حرمها قبلة لعشاق العبادة والطاعة لله ولرسوله ولأهل بيته (عليه السلام)، فقال الإمام الصادق (علیه السلام) واصفة حرمها: (إِنَّ لِلَّهِ حَرَماً وَ هُوَ مَكَّةُ ، أَلَا إِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ حَرَماً وَ هُوَ الْمَدِينَةُ ، أَلَا وَإِنَّ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَرَماً وَهُوَ الْكُوفَةُ ، أَلَا وَإِنَّ قُمَّ الْكُوفَةُ الصَّغِيرَةُ ، أَلَا إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا إِلَى قُمَّ تُقْبَضُ فِيهَا امْرَأَةٌ مِنْ وُلْدِي اسْمُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُوسَى ، وَتُدْخَلُ بِشَفَاعَتِهَا شِيعَتِي الْجَنَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ). (بحار الأنوار: 57 / 228).
وقد اشتهرت باسم (المعصومة)، وهو المستفاد من الرواية المنسوبة إلى علي الرضا والتي جاء فيها: «من زار أختي معصومة في قم كمن زارني». وجاء في رواية أخرى عنها أنها أشارت إلى أن اسمها معصومة وأنها أخت الرضا.
ولها ألقاب كثيرة وصفت بها، منها: الطاهرة، الحميدة، البرّة، التقية، النقية، الرضية، المرضية، السيدة وأخت علي الرضا.. (بحار الأنوار للمجلسي، ج 99 : 26).
رزقنا الله تعالى وإیاکم زیارتها في الدنيا، وشفاعتها في الآخرة.
سیدة شحیطاوی، سیدة قدمی، سیدة دانشخواه.