یا شباب فرنسا!
العوامل التي تقوي نور البصيرة
البصيرة هي قوّة نفسانية تكوّنت بإلاستعانة بالله و هي أن يرى صاحب البصيرة الحقائق ويرى المستقبل وغوامضه من وراء الظَواهر ما لا يراه غيرُه فتفتح أمامه آفاق العروج الی الکمالات و الخيرات و دفع الشرور. ومن يملك البصيرة یستطيع أن يميز الحقَ من الباطن ، ويسمع الأمور بالشكل الصحيح و يفکّر تفكيراً سليماً، کما قال أمير المؤمنين عليه السلام : «فإنّما البصير من سمع فتفكّر و نظر فأبصر و انتفع بالعبر ثمّ سلك جدداً واضحاً يتجنّب فيه الصرعة في المهاوي». (نهج البلاغة ، الخطبة رقم 153)
وتهدينا النصوص الشريفة الی العوامل التي تقوي نور البصيرة في الإنسان و من أهمها:
1- ذکر الله: وهو ذكر الكمال المطلق و الحقّ المبين و النور الذي ليس بعده نور و لا مثله نور و هو المطلق الذي لا شيء فوقه أو بكماله ؛ فبذكر الله يُبصرون أنَّ الشيطان يكيد بهم و يُحاول أن يُوقعهم في الخسران فيفارقونه و يفرّون من خبثه و مكره إلى الله و رحمته و هداه . قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی جَعَلَ اَلذِّکْرَ جِلاءً لِلْقُلُوبِ تَسْمَعُ بِهِ بَعْدَ اَلْوَقْرَةِ وَ تُبْصِرُ بِهِ بَعْدَ اَلْعَشْوَةِ» (نهج البلاغة، الخطبة رقم 222 )
2- التدبّر في القرآن: تلاوة القرآن و التدبر في آياته هي من عوامل البصيرة في التفکر العلوّي: قال (ع): «کِتَابُ اللهِ تُبْصِرُونَ بِهِ وَ تَنْطِقُونَ بِهِ وَ تَسْمَعُونَ بِهِ» (نهج البلاغة، الخطبة رقم 133)
3. التقوی: وهي مقدِّمةً لمعرفةُ الحقّ وروحًا للتعلّقُ به و الإذعان له و الاستجابة لمقتضاه و هذا منافٍ للجهل و الهوى و الطيش مما يُفسد جوَّ الرُّوح و يُعكِّر رؤية البصيرة و هو فاتح لطريق التبصُّر و مُلهِمٌ للرّشد و ممِدٌّ بالحكمة و منقٍّ لجوّ النفس من الظلمة. بيّن الإمام عليه السلام سمات المتقين و سالکي طريق الحق و البصيرة بأن: «عِبادَاللهِ اِنَّ مِنْ اَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ اِلَیهِ عَبداً اَعَانَهُ اِللهُ عَلَی نَفْسِهِ … قَدْ اَبْصَرَ طَریقَه و سَلَک سَبیلَهُ وَ عَرَفَ مَنَارَهُ و قَطَعَ غمارَه وَ اسْتَمْسَک مِنَ الْعُری بِاَوثَقِها و من الجِبَالِ بَاَمْتَنِها فَهُوَ مِنَ الْیقینِ عَلَی مِثْلِ ضُوءِ الشَّمْسِ» (نهج البلاغة، الخطبة رقم 87)
4. الإعتبار: قال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) في الخطبة 82 نهج البلاغة: «وَ مَنْ اَبْصَرَ بِها بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ اَبْصَرَ اِلَيْها اَعْمَتْهُ»
5- التفکر: إنّ فِكْرُ الإنسان إذا فُعّل أثمر و إذا عُطِّل هُدِر و خُسِر. تفعيله بالنظر في الآيات، آيات الأنفس و الآفاق و في دروس الحياة و الموت و الغِنى و الفقر و القوَّة و الضعف و تغيُّر الأحوال و ما تغنى به السَّماوات و الأرض و عجائب الخَلق من دلالات و ما ينتهي إليه النَّظر من دقائق الخلق و ما وراءَ ذلك من عظيم القدرة و إحاطة العلم و بالغ الحِكمة؛ هذا التفعيل و الإنتاج يمُدُّ البصيرةَ بالقوّة و الحيويَّة و يُوسِّعها و يفتح أمامَها الآفاقَ و يزيد في نفوذها. قال الإمام عليه السلام: «الفِکرُ یَهدِی» و «الفکرُ رُشدٌ» و «اَلفِکرُ یُنیرُ اللّبَّ». کما يعرف الحکمة فائدة التفکر و قال: «اَلفِکرُ یُفِیدُ الحِکمَة» (غررالحکم و دررالکلم، ج2، ص291)
فالبصيرة هي قدرة على الرؤية الصحيحة التي تساعد في تشكلّها عدة أمور؛ منها العقل و التجربة و التربية والعلم و الثقافة و صدق المجاهدة مع النفس و إصلاحها و التوبة و الزهد و التوسل الی الله بواسطة الأئمة والدعاء و مجاورة العلماء والتفقّه في الدّين و المعرفة بالزمان و أهله و تقوية الصلة بالله تعالى. اللهمّ و ثبّت في طاعتك نيّتي و أحكم في عبادتك بصيرتي.
(الصحيفة السجّاديّة، دعاء التوبة، رقم 31)
سیدة فاطمه قاسمی – سیدة سکینه ملکی – سیدة عاطفه حسینی حجازی
أسباب تحصيل البصيرة
البصيرةُ علمٌ محيط، ورؤيةٌ قلبيّة نافذة، ووزنٌ دقيقٌ للأمور، يرى صاحِبُها الحقائق من وراء الظَواهر، ومن المستقبل وغوامضِه ما لا يراه غيرُه.
أسباب تحصيل البصيرة:
1.صدق المجاهدة:
إن الجهاد ليس فقط في الحروب والقتال، بل هو أكبر من ذلك فهو يمتد إلى مجاهدة النفس، لأن طبيعة النفس كثيرًا ما تخلد إلى الكسل والاسترخاء
وجهاد النفس يتحقق بالإيمان والإخلاص والصدق والصبر ، فينبغي على المسلم أن يكون عنده استعداد للتغير الأحسن ، صادقا في عزمه وأن يترك طريق المعصية واتباع الهوى.
2.إتمام الفرائض وزيادة النوافل:
إنّ من اجتهد بالتقرب إلى الله عز وجل بالفرائض ثم بالنوافل قربة الله إليه؛ ورقّاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان؛ فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة كأنه يراه، فيمتلئ قلبه بمعرفة الله تعالى ومحبته وعظمته وخوفه ومهابته وإجلاله والأنس به والشوق إليه؛ حتى يصير هذا الذي في قلبه من المعرفة مشاهداً له بعين البصيرة؛ فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره، ولا يتحرك إلا بأمره؛ فإن نطق نطق بالله، وإن سمع سمع به، وإن نظر نظر به، وإن بطش بطش به.
3.تحري الكسب بأكل الحلال:
الكسب الطيب والمال الحلال ينير القلب ويشرح الصدر و يورث الطمأنينة والسكينة والخشية من الله ويعين الجوارح على العبادة والطاعة.
4.صدق التوكل مع حسن الظن بالله:
التوكل المقصود منه التفويض والرضا.
5.اليقين بالله
6.معرفة السنن الربانية
7.التفكّر:
فِكْرُ الإنسان حيث يُفعّل يُثمر، وإذا عُطِّل هُدِر وخُسِر. تفعيله بالنظر في الآيات، آيات الأنفس والآفاق، وفي دروس الحياة والموت، والغِنى والفقر، والقوَّة والضعف، وتغيُّر الأحوال، وما تغنى به السَّماوات والأرض وعجائب الخَلق من دلالات، وما ينتهي إليه النَّظر من دقائق الخلق، وما وراءَ ذلك من عظيم القدرة، وإحاطة العلم، وبالغ الحِكمة؛ هذا التفعيل والإنتاج يمُدُّ البصيرةَ بالقوّة والحيويَّة ويُوسِّعها، ويفتح أمامَها الآفاقَ، ويزيد في نفوذها.
8.العلم والتعلّم:
الطريق العامُّ للعلم التعلُّم، ومن دونه يَغلقُ الإنسانُ عن نفسه أبوابَ المعرفة، ويسلك بها ظلمة الجهل. فصار العلم والتعلُّم سببًا من أسباب نضج البصيرة وتفتُّحها وإعطائها السَّعةَ والامتداد.
9.التقوى:
التقوى مقدِّمةً معرفةُ الحقّ، وروحًا التعلّقُ به، والإذعان له، والاستجابة لمقتضاه. وهذا منافٍ للجهل والهوى والطيش مما يُفسد جوَّ الرُّوح، ويُعكِّر رؤية البصيرة، وهو فاتح لطريق التبصُّر، ومُلهِمٌ للرّشد، وممِدٌّ بالحكمة، ومنقٍّ لجوّ النفس من الظلمة.
9.ذكر الله:
ذكر الله ذكر الكمال المطلق، والحقّ المبين، والنور الذي ليس بعده نور، ولا مثله نور، ولا مكانَ وهو المطلق لفرض نور فوقه أو بكماله؛ ذكر لذلك وانشداد إليه، وتعلُّق به، وسير روحي في اتجاه علاه.
فبذكر الله يُبصرون أنَّ الشيطان يكيد بهم، ويُحاول أن يُوقعهم في الخسران فيفارقونه، ويفرّون من خبثه ومكره إلى الله ورحمته وهداه.
10.الإخلاص:
إخلاصُ العبد لربّه سبحانه في النيّة والتوجُّه والعمل بصيرة ما أعظمها من بصيرة، ومن عطائها معرفة أكبر، وشوق أشدّ إلى الله، وتعلُّق أقوى به، وبصيرة فوق البصيرة.
11.الزهد
12.استقبال الأمور:
النظر المبكر في ما يستقبل الإنسان من أمر، والدراسة العلميّة لكلِّ الاحتمالات التي يمكن توقُّعها، والتفكير في الموقف العملي المناسب لكل منهما يُعين على تكوين نظرة صحيحة لما قد يحمله المستقبَل في المسألة، وما ينبغي اتّخاذه بإزاء ما يحدث، ويُعطي رؤية قد تكشف عن غموض المستقبل وكيفية مواجهته.
وتَرْك الأمور إلى أن تُفاجئ الإنسان، وتضعه أمام الظرف المحرج، والحدَث الصعب غير المحتسب يُقلق الرؤية، ويُربك الموقف، وقد يشلّ التفكير، ويوقع في الفشل.
13.الجوع:
والإسلام لا يريد بهذا أن تجوع الجوع الذي يجرّ إليك الأمراض، ويوقعك في الأسقام، ويشلّ حركة التفكير عندك، ويقعد بك عما أوجب الله عليك. كما لا يريد لك أن تُقِرَّ التفاوت الطبقيّ الظالم الذي يتخم به البعض، ويجوع ويمرض ويشقى به آخرون.
وإنما يريد لك ألا تسُدَّ منافذ قلبك، ولا تُعطِّل حركة الروح، وتُفسد عليها وظيفتها في طلب النموّ والاستنارة والكمال بتُخمة البطن، وأذاها.
14.الدعاء:
الذي ينال اهتمامًا عاليًا جدًّا في التشريع الإسلامي ومقام العبادة، ويتناول كلَّ أمر صغير وكبير من أمور الدّينِ والدّنيا، والرّوح والبدن لا بدّ أن يتعلّق بأمر البصيرة التي إن صحَّت واستقامت صحّ الدين واستقام، وإن سقُمَت أو زاغت فسد الدين وأُصيب بالعطب البالغ والانحراف.
سیدة فاطمه قاسمی – سیدة سکینه ملکی – سیدة عاطفه حسینی حجازی