أسلوب الحياة التربوية في تعاليم الإمام الحسن العسکري علیه السلام
الحمد للّه رب العالمين و الصلاة على خير خلقه محمد و عترته الطاهرين
هناك فارق رئيسي في نمط الحياة التربوية بین الأئمة علیهم السلام؛ لأنّ الأئمة لم تتوفر لديهم الحاکمية الفعلية، لذلك استعملوا أساليب متعددة وطرق متنوعة لهداية الأمة وبما يتناسب مع متغيرات كل عصر و زمان. فنلاحظ التضييق وحالة الإختناق الداخلية في حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فقد تعرّض لأنواع الصعوبات والظروف القاسية إلّا أنّه مع كل هذه المتغيرات قد مارس دوره في هداية الأمة، فقد تولّى الهداية العمليّة للناس، وهو صاحب الألقاب العديدة التي تشير إلى الوظيفة الأساسيّة للإمامة، وهو الذي حظي بمنزلة رفيعة و مکانة اجتماعية مرموقة كأنّه أعلم أهل زمانه ومثال للزهد والإعراض عن زخارف الدنيا و الرغبة فيما أعده الله له في دار الخلود من النعيم و الكرامة.
ومن مظاهر الهداية في سيرة الامام و کلامه المتمثل في السلوك العمليّ ما يلي:
1ـ الهداية باستخدام السلوك العملي
نقل عن الشيخ الكليني قوله: «حبس أبو محمّد عند عليّ بن نارمش وهو أنصب الناس وأشدّهم على آل أبي طالب و قيل له: افعل به وافعل، فما أقام عنده إلّا يوماً حتّى وضع خديه له وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً و إعظاماً فخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسنهم فيه قولاً». (الکافی ، ج 1 ، ص 508)
2- ترویج ثقافة الاسراف والتبذير
قال (علیه السلام) فی جواب من شکی من الفقرٍ و قلة المؤونة: «علیک الشکر لله والاعتدال في مؤونته و إحتراز من الإسراف لأنّ الإسراف و التبذیر یکون من أعمال الشیطان».
3- مکان الوالدين (حالة الأبوين)
قال الإمام (علیه السلام): «جرأة الولد علی والده فی صغره تدعوا الی العقوق فی کبره». (تحف العقول، ص 489)
4- أفضل الخصائص
قال(علیه السلام): «خصلتان لیس فوقهما شیء؛ الإیمان بالله و نفع الإخوان» (تحف العقول، ص 489)
5- الإجتناب عن المماراة والمزاح
قال (علیه السلام): «لا تُمارِ فَيَذْهَبَ بَهاؤُكَ وَ لا تُمازِحْ فَيُجْتَرَأَ عَلَيْكَ» (تحف العقول، ص 486)
6- التواضع
قال (علیه السلام): «من تواضع فی الدّنیا لإخوانه فهو عنداللّه من الصّدّیقین و من شیعة عليّ بن ابي طالب علیه السلام حقّاً» (احتجاج، طبرسی، ج 2، ص 460)
فالإمام الحسن العسکري (علیه السلام) ـ رغم الحصار والتضييق الذي مارسته السلطة ضده ـ تعتبر حياته من الأسس القويمة للبناء الفکري والمنهج السلوکي لتقويم حياة الناس التربوية من خلال ترويج ثقافة الاقتصاد والتدبير في سبيل الله وإعانة المحتاجين والضعفاء من أبناء المجتمع الإسلامي ، وقد أُوصى الإمام بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْوَرَعِ فِي الدِينِ وَالِاجْتِهَادِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ للبَرٍّ والفَاجِرٍ، وأمرَ بطُولِ السُّجُودِ وَ حُسْنِ الْجوَارِ .. والحمد لله رب العالمين.
سیدة فاطمه قاسمی – سیدة سکینه ملکی – سیدة عاطفه حسینی حجازی
نص حول السیرة التبلیغیة للامام الحسن العسکری علیه السلام
خلال 28 عاما کان جمیع الاعمال و تصرفات الامام الحسن العسگری علیه السلام تحت اشراف الاعداء و الاصدقاء . و الامام علیه السلام کان یتّبع الاسلام و ینشر التشیّع بواسطة سلوکه العملیّ . اذن نحن نبیّن کیفیة تبلیغ الامام(ع) للفکر الشیعی.
بالنسبة الی سیرته الشخصیة: فی تصرفاته و اعماله، کان الله هو المحور و الامام (ع) کان یعتقد بحضور الله دائما و فی کل مکان و یعتقد ان العالم محضر الحق و کان هذا بارزا فی تصرفاته و سلوکه .
سیرة الامام فی العبادة: اذا کان الشخص یراه فی حالة العبادة یصبح مفتونا و بحالته المعنویة موجودةٌ فیه .
یوم من الایام بعض العباسیین طلبوا من صالح بن یوسف ( رئیس القیادة العسگریة) ان یشدّ علی الامام و هو قال : قد وکّلتُ علیه اثنین مِن اصعب السّجناء و لکن هما انقلبا بسسب التنشئة الاجتماعیة معه و ارقیا الی المراحل العالیة الروحیة و المعنویة .(وفیات الائمه من علماء البحرین و القطیف ص 410)
یقول احد من اصحاب الامام علیه السلام فی توصیف سلوک الامام علیه السلام : الصلاه فی اول وقتها کانت من اهم الامور و اقدم الامور عند الامام . و اذا کان مشغولا بامر و جاء ( حان ) وقت الصلاه کان یترک الامر و یهتم بالصلاه .
وهذا يدلّ على مدى قوّة التّأثير الروحيّ الّذي كان الإمام العسكري(ع) يتمتّع به، من دون أن يتكلّم مع الآخرين أو يدخل معهم في أيِّ حوار.
1- احترام الناس کان من سلوک العملی للامام و هو کما کان یلتفت باعماله العبادی کان یلتفت ایضا بمراعاة احوال المساکین و حلّ مشاکل الناس .
قد نقل محدث نوری فی کتاب مستدرک الوسائل قصة تعبر عن السخاء فی الامام .قد رُوی انّ شخص الذی کان فی مضیقة مالیة جاء الی الامام و اعرب عن مشکلته و الامام علیه السلام فی نهایة السخاء رفعَ عن مشکلته .( مستدرک الوسادل ج 3 ص 423)
2- الاقتصار و عدم الاسراف
هذا من الأمور التي نتعلمها من سیرة الإمام عليه السلام. نموذجا نشير الی ما روی عن محمد بن حمزة السروری:
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ اَلسُّرُورِيِّ قَالَ: كَتَبْتُ عَلَى يَدِ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ اَلْقَاسِمِ اَلْجَعْفَرِيِّ وَ كَانَ لِي مُوَاخِياً إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ لِي بِالْغِنَى وَ كُنْتُ قَدْ أَمْلَقْتُ فَأُوصِلَهَا وَ خَرَجَ اَلْجَوَابُ عَلَى يَدِهِ أَبْشِرْ فَقَدْ أَجَلَّكَ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِالْغِنَى (مَاتَ اِبْنُ عَمِّكَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَ خَلَّفَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ هِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْكَ) فَاشْكُرِ اَللَّهَ وَ عَلَيْكَ بِالاِقْتِصَارِ وَ إِيَّاكَ وَ اَلْإِسْرَافَ فَإِنَّهُ مِنْ فِعْلِ اَلشَّيْطَنَةِ (فَوَرَدَ عَلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَادِمٌ مَعَهُ سَفَاتِجُ مِنْ حَرَّانَ وَ إِذَا اِبْنُ عَمِّي قَدْ مَاتَ فِي اَلْيَوْمِ اَلَّذِي رَجَعَ إِلَيَّ أَبُو هَاشِمٍ بِجَوَابِ مَوْلاَيَ أَبِي مُحَمَّدِ فَاسْتَغْنَيْتُ وَ زَالَ اَلْفَقْرُ عَنِّي كَمَا قَالَ سَيِّدِي فَأَدَّيْتُ حَقَّ اَللَّهِ فِي مَالِي وَ بَرَّدْتُ إِخْوَانِي وَ تَمَاسَكْتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ كُنْتُ رَجُلاً مُبَذِّراَ كَمَا أَمَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ .)
ان للإمام العسکری عليه السلام دورا متلألأ في الاحتفاظ علی جسد المجتمع الشيعي و یبذل کثیرة لئلا تتحیّر الشيعة و لا تضل. نشير الی أمور منها:
1. تبیین مکانته عليه السلام:
بعد شهادة الإمام الهادي عليه السلام، حاول الإمام العسکری عليه السلام لإثبات امامته؛ لأن الإمام الهادي عليه السلام بسبب شدة حراسة العدو، لم یکن قادرا علی تعرّف الامام الذي يستخلف بعده. إضافة إليه، بعض الغادرین يريدون انحراف المجتمع الشيعي. علی أن جعفر الکذاب ادعی الإمامة و هذا الأمر أوجد الشک و التردد في إمامة الإمام العسکری بين المجتمع الشيعي. و بهذه الأسباب، کان علی الإمام عليه السلام أن يثبت امامته من خلال طرق مختلفة.
2.تشویق وترغیب الی العلم و تربیة النخب و المشاهیر :یکون من نشاط الاامام العسگری تعلیم و تربیه الطلاب حتي یکونوا دعامه العلمی و الاعتقادی لمجتمع الشیعی . کما قرّر شیخ طوسی : عدد طلاب الامام العسگری عليه السلام وصل الی اکثر من مئة و التعلم کان فی اعلی درجه اهميه عند الامام .
3. مواجهة الانحطاط الفکری: وقعت فی زمن قیاده الامام العسگری عدید من الفتن و الحوادث و اذا لم لم یقم بمواجهتها ربما لوقع کل المجتع الاسلامی فی اخطار فخ فتنه جاثلیق کانت من الفتن فی ذلک الزمان و رفعها الامام عن المجتمع.
4. توسیع شبکة النواب و الوکلاء: فی مدت قیاده الامام العسگری التی کانت ست سنوات، عزز شبکة من النواب التی اُسّس حين قياده الامام موسی بن جعفر (ع) و فی مناطق مختلفه من المجتمع الاسلامی اختار لنفسه نائبا حتی اصبحوا حلقة اتصال بین الامام و الشيعة لاداء امور الشيعة مع تعلیم عقائد الشیعة الی التابعین و یرفعون مستوي التفکير فی المجتمع الشیعی.
ایضا فاِن الامام علیه السلام اذا عرف ان احداً من ممثلیه فی شبکة النواب قد أساء استخدام منصبه او فعلَ ذلک بسرعة فانه کان یعاقبه او یخلعه.
۵: إعداد المجتمع الشیعی لوقت الغیاب:
من بین اهم نشاطات الامام العسکری علیه السلام بعد ولادة ابنه کان الحفاظ علی الخلافه الالهیه الاخیره اعطاء المولود الجدید و الامام الثانی عشر و اعداد المجتمع الشیعی لقبول امامة الامام الغائب حجه ابن الحسن عجل الله تعالی فرجه الشریف
الکلمه الاخیره:
قام الامام العسکری علیه السلام خلال حیاته القصیره بالعدید من الانشطة لتقدم المجتمع الشیعی من الجهة المادیة و الروحیة و العبادیة.
نرجوا ان نتمکن من خلال التاسی بهذا الامام الهمام نکون قادرین تطبیق اسلوب الحیاه الاسلامیه في المجتمع الشيعي و نساعد علي تقدّمه .
سیدة رحمانی، سیدة علیزاده، سیدة کردلو، سیدة عزیزی
يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً
نحن على مشارف الأربعين في هذه الأيام، نشهد في الأعوام الأخيرة ظاهرة فريدة غير مسبوقة هي المشي بين النجف وكربلاء وحتى انطلاقا من مدن أكثر بعدا من النجف، هذا الحراك هو حراك العشق والإيمان؛ نحن نراقب هذا الحراك من بعيد ونغبط الذين وُفّقوا للمشاركة به. هؤلاء الذين قطعوا هذه المسافات ويشكّلون هذا الحراك المملوّ بالعشق والإيمان، نحنُ وإن كنّا بعيدين فقلوبنا تلهج بذكرك، لا تباعد في السفر المعنوي، يجدر بي وأمثالي المحرومين من المشاركة في هذا النوع من الحركات أن نقول “يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً“
للإنصاف فإن شعب العراق يستضيف [الزوار] بكل عظمة ومحبة، هو حراك عظيم مليء بالمعاني وذو عمق كبير وعلى من يوفق للمشاركة اغتنام هذه الفرصة.
كلمة الإمام الخامنئي خلال درس بحث الخارج حول زيارة الأربعين 18/2/1437ق